تفضيل التاجر البحريني لن يخلق بيئة تنافسية وفتح السوق يقتضي فرصًا متساوية

داعيًا أصحاب الأعمال إلى أخذ زمام المبادرة في الاستثمار.. المستشار المالي أسامة معين لـ«الأيام»

رفض المستشار المالي أسامة معين دعوات بعض أصحاب الأعمال إلى تفضيل الشركات البحرينية في المشروعات والمناقصات، مؤكدًا أن فتح السوق يقتضي إعطاء فرص متساوية للجميع، مؤكدًا أن وجود المستثمرين الأجانب يساعد أصحاب الأعمال المحليين على الارتقاء بمنتجاتهم وخدماتهم لمستوى ما تقدمه الشركات الأجنبية.

ودعا معين في حديث لـ «الأيام» التاجر البحريني إلى أخذ زمام المبادرة في عملية الاستثمار، خصوصًا أن الدولة طورت البنية التحتية المؤاتية، وأنشأت الموانئ والمناطق الصناعية والطرق السريعة.

وقال: «لا يمكن أن يأتي المستثمر الأجنبي لوضع أمواله في البلد ما لم يكن أبناء هذا البلد ينشطون في الاستثمار بقوة فيه»، وأضاف: «لكي تعطي المستثمر الثقة يجب أن تضع يدك بيده».

وانتقد المستشار المالي الإغراق في الاستثمار العقاري، مؤكداً أن ارتفاع أسعار العقارات لم يقم على أسس سليمة، وأن أي شح ملحوظ في السيولة سيؤدي إلى اتجاه الأسعار صوب قوس النزول.

 

الصحة والتعليم أبرز المسارات الاستثمارية

ورأى المحلل المالي أسامة معين أن أكثر الاستثمارات جدوى هي تلك المرتبطة بالإنسان، وتعليمه، وصحته، مؤكدًا أن هذين المجالين يحققان عوائد جيدة للمستثمرين من جهة، ويسهمان في النهوض بالمجتمع وتطويره من جهة أخرى.

وقال: «إن الاتجاهات الحالية للمستثمرين تركز على التعليم والصحة، حيث شهدنا مشروعات عدة لبناء مستشفيات خاصة، لكن معدل هذه المشروعات أقل من الطموح»، داعيًا إلى «العمل على إنشاء مراكز أبحاث مرتبطة بالجامعات أو مستقلة عنها لإيجاد إنتاج علمي يساعد على تطوير جميع مناحي الحياة».

وعن مستوى العائد على هذا النوع من المشاريع قال: «إنَّ العائد نحكم عليه من خلال مقارنته بالعائد على الاستثمار في السندات والودائع التي لا يتجاوز عائدها 2 و3%، وما زاد على هذا المعدل فهو استثمار جيد»، مؤكدًا أن «العوائد في مشروعات التعليم والصحة عادة تحقق عوائد جيدة جدًا خصوصًا إذا ما خضعت لدراسة متعمقة تستبين فوائدها المالية والاجتماعية».

وعن الاستثمارات الشائعة في الوقت الحاضر، رأى معين أنَّ التذبذب الذي حصل في بعض الأسواق في السنوات الماضية أوجد مخاطر عليه مما جعل الكثير من المستثمرين يتوجهون إلى العقار الذي ارتفع بنسب كبيرة.

 

شُح السيولة يبشر بانخفاض بعض العقارات

وقال: «هذا الارتفاع في العقار حفزه النمو السكاني، وندرة الأراضي الجاهزة لكنه ليس ارتفاعًا مبنيًا على أسس سليمة، فعندما تشح السيولة فإن أسعار العقارات وغيرها سوف تنخفض مرة أخرى»، مشيرًا إلى «وجود بوادر لشح السيولة حالياً مما يبشر بانخفاض في أسعار بعض العقارات غير المميزة».

وأعرب عن اعتقاده بأهمية «تنويع المسارات الاستثمارية لتشمل الاستثمار في الصناعة، والتكنولوجيا، والإعلام لتقليل المخاطر»، مشيرًا أنّ «الحكومة تعمل على إيجاد بنية تحتية مؤاتية للاستثمار، ولكن ليس عليها أن توجه المستثمرين لاتخاذ مسارات بعينها».

وقال: «الحكومة وفرت المناطق الصناعية بإيجارات رمزية لمدد طويلة، ووفرت مساحات للتخزين العمومي، وأنشأت موانئ، وشبكة طرق سريعة، وعلى أصحاب الأعمال أن يستفيدوا من هذه البنية في تأسيس مشروعات حيوية».

وأضاف: «لقد رأينا مشروعات صناعية على سبيل المثال في منطقة الحد لكن معظمها في صناعة الحديد وأنواعه، وما نحتاج إليه صناعات أكبر، مثل بعض صناعات التجميع، والصناعات الأساسية»، مشيرًا إلى أن «منطقة الخليج العربي المحيطة ب‍البحرين تحتاج إلى الكثير من المنتجات».

واستدرك قائلاً: «في الوقت نفسه هنالك مشروعات جيدة، مثل مصنع كرافت الذي خلق العديد من الوظائف، ووفر صادرات إلى الدول المحيطة، فالبحرين بلاد تتمتع بموانئ ويمكنها أن تكون منصة للإنتاج والتصدير أو إعادة التصدير»، مشيدًا بالدور الذي يمارسه مجلس التنمية الاقتصادية في استقطاب المستثمرين وتسهيل الإجراءات.

وشدد المحلل المالي على أهمية أن «يأخذ التاجر البحريني زمام المبادرة في عملية الاستثمار، فلا يمكن أن يأتي المستثمر الأجنبي لوضع أمواله في البلد ما لم يكن أبناء هذا البلد ينشطون في الاستثمار بقوة فيه، وهنالك يمكن طرح صيغ للاستثمارات المشتركة». وقال: «لكي تعطي المستثمر الثقة يجب أن تضع يدك بيده، وأن تحرص على استقطابه وبيان مقومات الاستثمار في البلد».

 

تفضيل البحريني يخلق بيئة غير تنافسية

وعن شكاوى التجار المحليين من عدم وجود تفضيل لرجل الأعمال المحلي في المشروعات والمناقصات قال: «أعتقد أن فتح السوق يقتضي إعطاء فرص متساوية للجميع، لتشجيع المستثمرين الأجانب على بدء أعمالهم في السوق وخلق الوظائف، كما أن وجود المستثمرين الأجانب يساعد أصحاب الأعمال المحليين على الارتقاء بمنتجاتهم وخدماتهم لمستوى ما تقدمه الشركات الأجنبية».

وأضاف: «في حال إعطاء أصحاب الأعمال البحرينيين الأفضلية فإن ذلك لن يخلق بيئة تنافسية لتقديم الأفضل».

وعما ينقص بورصة البحرين لتكون خيارًا استثماريًا جاذبًا قال: «إن بورصات الخليج بعامة تتمتع بسيولة عالية لكن مع حدوث أية تطورات في السوق فإن هذه السيولة تشح، وبورصة البحرين سوق جيد من عدة نواحي سواء فيما يتعلق بالبنية التحتية أو القوانين أو ما يتعلق بالتزامها بأسس الحوكمة غير أنها بحاجة إلى إدراجات لشركات جديدة»، مشيرًا إلى أن «البورصة لا تزال تعتمد على الإدراجات الأولية للسوق».

واستدرك قائلاً: «لكننا إذا ما نظرنا إلى أداء بورصة البحرين سنجده أفضل من أداء أية بورصة أخرى في المنطقة لأنها تحقق في نهاية المطاف ارتفاعًا جيدًا».

 

الوقت غير مناسب لفرض ضرائب مباشرة

وعن مقترحات صندوق النقد الدولي بشأن فرض ضرائب مباشرة في البحرين، قال أسامة معين: «أعتقد أن ما يقدمه صندوق النقد الدولي إلى البحرين لا يعدو كونه نصائح لأننا ما زلنا بعيدين عن الصندوق لحد الآن»، مؤكدًا أن «البحرين لم تطبق أية أنواع من الضرائب، وتتجه لتطبيق نوع واحد، وهي ضريبة القيمة المضافة التي أخذت وقتًا طويلاً من النقاش والتداول»، معربًا عن اعتقاده بأن «الوقت حاليًا غير مناسب لفرض ضرائب مباشرة».

ورفض معين توصية صندوق النقد الدولي بشأن الإلغاء التدريجي للإقراض المقدم من المصرف المركزي إلى الحكومة، وقال: «البنك المركزي هو جزء من النظام المالي للمملكة البحرين فهو يتبع وزارة المالية التي تعد جزءًا من الحكومة، فهو يحدد أسعار الصرف، والعلاقات البنكية، ويمارس أدوارًا رقابية فلا يمكن تحييد البنك المركزي وإبعاده عن المنظومة المالية».

وعن تأثيرات توجه الدولة لزيادة رسوم الكثير من الخدمات على حركة الاستثمار، قال المحلل المالي أسامة معين: «لطالما تميزت البحرين بسهولة الاستثمار فيها، ويسر المعاملات فهي دولة صديقة للاستثمار من جميع النواحي، ومن أهم هذه النواحي أن الرسوم المفروضة ليست مرتفعة مقارنة بالكثير من الدول الأخرى»، مؤكدًا أن «القوانين والأنظمة لا تزال مشجعة للاستثمار، والحياة بصفة عامة أرخص من الكثير من الدول»، ولكن في «حال تغيرت هذه الأمور فسيكون حالنا حال الآخرين».

ورأى أهمية ألا تزيد معدلات الرسوم بشكل كبير، فإن ذلك من شأنه أن يقلل من قدرة البحرين التنافسية وجاذبيتها الاستثمارية.

وفيما يتعلق بالقطاع البنكي أكد أن البنوك الرئيسية في البحرين لاتزال تتمتع بسيولة عالية جدًا، وسمعة عالمية، وعلى الرغم من تعرض بعض البنوك الاستثمارية والتجارية المنشأة حديثًا للكثير من الانخفاضات والارتفاعات، لكنها ما زالت تحقق أرباحًا خصوصًا مع اهتمامها بالعمليات البنكية الأساسية، في حين حققت أخرى خسائر بسبب دخولها في مجالات استثمارية معينة.

وشدّد معين على أن أهم الدروس المستفادة من تلك التجربة هو ضرورة التخصص في الأعمال والأنشطة. وقال: «ينبغي على البنك الاستثماري أن يركز نشاطه على الجوانب التجارية والتمويلية، وكذلك البنك الاستثماري عليه أن ينشط في الجوانب الاستثمارية، وليس من الخطأ أن يشتري البنك التجاري مصرفًا استثماريًا ليكون ذراعًا له، لكنّ خلط الأنشطة في البنك الواحد يسبب ضياعًا للأموال والتركيز الأساسي».

وعن أهم الأولويات الاقتصادية التي ينبغي التركيز عليها خلال المرحلة المقبلة، قال: «أعتقد أن من أهم الأولويات العمل على سد العجز، وذلك يتطلب بالضرورة العمل على دفع الفوائد على الدين العام وإطفائه تدريجيًا وصولاً لتغيير نوعية الاقتراض».

 

أدوار الغرفة وتمكين

وفيما يتعلق بتقييمه للدور الذي تمارسه غرفة تجارة وصناعة البحرين أن بيت التجار حلقة مهمة في النشاط الاقتصادي غير أنه لم يكن حاضرًا بقوة في السنوات القليلة الماضية، ولم نشهد للغرفة في الدورتين الماضيتين أثرًا كبيرًا على الاقتصاد في المملكة، معربًا عن تفاؤله بأن مجلس إدارة الغرفة الحالي سيقدم عملاً فارقًا بعناصره المميزة وشعاراته الطموحة التي رفعها منذ تشكيله.

ومن جانب آخر، أشاد معين بالجهود التي يبذلها صندوق العمل «تمكين» في تنشيط السوق، وتأهيل البحرينيين، واصفًا الصندوق بحجر الأساس في البناء الاقتصادي للبحرين من خلال دعمها للكوادر البحرينية بالأضافه الى دعم المؤسسات الصغيره و المتوسطه.

وقال: «ما نتطلع لرؤيته أن الأموال البحرينية تستثمر في المواطنين من خلال تأهليها وتوظيفها في مشروعات داخل البلد»، مشددًا على أن «أحد الأدوار المحورية لصندوق العمل هو تمكين الشاب البحريني من تحقيق طموحه من خلال تقديم التمويل والاستشارة والمراقبة والدعم والمساندة».

وأضاف: «لا يكفي أن تمنح تمكين صاحب المشروع التجاري مبلغًا ماليًا لإنشاء مشروعه بل ينبغي أن توجد الآليات والوسائل لدعمه ومساعدته على النمو وتمكينه من تحقيق طموحه»، مؤكدة أهمية تأسيس هيئة استشارية لمتابعة المشروعات المختلفة.

وشدد المستشار المالي على أن هذه المشروعات تلقت أموالاً ودعمًا من تمكين، فليس من المعقول تركها دون متابعة، فكما أن الصندوق أخضع المشروع لدراسة دقيقة للجدوى فعليه أن يتابع مراحل إنجازه وصولاً لتحقيق الهدف المنشود.

Source: http://www.alayam.com/alayam/economic/758708/News.html

 

Share this page Share on FacebookShare on TwitterShare on Linkedin
Close

Read our latest publication

'Bahrain-France Investor Guide' -
is YOUR guide to invest in Bahrain and in France. Click here to view the online guide